صمود وانتصار

زوجة إبراهيم بن بدر الدين الحوثي تروي آخر لحظات من حياتة !

الصمود

الشهيد ابراهيم الحوثي من الفتية الذين آمنوا بربهم وزادهم هدى، فكان للشهيد -سلام الله عليه- في هذا الزمان دور وموقف أبى الضيم والانكسار، هو رجل اختزل آلاف الرجال في شخصه العظيم.. تعبدت ناصيته في محاريب الجهاد، واستقر في نفسه حب الله وحب الجهاد وإعلاء كلمة الحق ثم حب ثرى الوطن، تشربت نفسه نهج الثقافة القرآنية، كيف لا.. وهو سليل الطهر من أسرة جهادية ربانية طاهرة السجية مجاهدة بذلت أغلى ما لديها فداء لإعلاء كلمة الحق وأقضت مضاجع الظالمين، تحدى قوى الشر في العالم فكان مقداما يهابه الأعداء، لحق بركاب الشهداء، الشهيد ابراهيم بن بدرالدين الحوثي والشهيد محمد حسين قاسم مهدي البدر، حفرا اسميهما بمداد من دم على لوحة الشرف الأبدية التي شرف الله بها شعب اليمن الأبي، فطوبى لكما هذا الشرف العظيم، والعار والخزي وويلات الثبور لكل قاتليكم، لكل المتآمرين في اغتيالكم من سماسرة الوطن.

( أسرة ربانية علمية مجاهدة )

بدأت زوجة الشهيد ابراهيم حديثها بالتعريف بالشهيد فقالت: السيد إبراهيم بن بدرالدين الحوثي ولد عام 1978 في مسقط رأسه بمران مدينة الجهاد والتضحية، ونشأ في آل الصيفي في أسرة ربانية علمية صالحة زاهدة مجاهدة في سبيل الله، كانت أسرته من أعظم الأسر جهادا وصبرا وتحملا للمشاق والمعاناة في سبيل الله، والدفاع عن المستضعفين ،كان والد الشهيد السيد بدر الدين أمير الدين الحوثي عالما ربانيا زاهدا ومجاهدا عظيما ومعلما للأجيال، تربى الشهيد في كنف والده، وتعلم منه الجهاد والصبر والتضحية، التحق بحلقات العلم وتعلم على أيدي بعض العلماء الكبار مثل الشهيد القائد حسين بدرالدين الحوثي رضوان الله عليهم أجمعين، كان مستقر الشهيد في صغره في آل الصيفي تعلم فيها، ودرس في مدرسة الإمام الشافعي، كان يحبها حتى حين نسافر ونصل إليها كان يشعر فيها براحه نفسية عجيبة، وكان يقول: “لقد سافرت لكل مكان وما أرتاح إلا فيها”، وكان يوصيني دائما ويقول: “حين أستشهد اُخبريهم بأن يدفنوني في آل الصيفي”.

(الشهداء رفاق في الدنيا خلان في الجنة)

كما واصلت زوجة الشهيد حديثها، فروت لنا قصة استشهاد زوجها وأخيها فقالت: تعمق الشهيدان بروح هذه القضية ، قضية الحق والمستضعفين في الأرض، قضية التحرر من كهنوت الشيطان أمريكا» ، فعشقوا الجهاد فانطلقوا كرارين غير فرارين، كان عمل زوجي بالعاصمة صنعاء، ولكن رغم هذا كان يذهب ويتنقل إلى الجبهات ومعه أخي محمد ،ففي يوم الجمعة رافق أخي محمد زوجي إبراهيم -سلام الله عليهما- في عمل جهـادي في غاية الأهمية والسرية، لم يكن الشهيدان يعلمان بأنهما على موعد مع الشهادة، لم يخطر ببالهما أن أعداء الله من المنافقين المحسوبين علينا كيمنيين كانوا قد تحالفوا مع الشيطان لينالوا منهما ،فكانوا متربصين بهما أعدوا لهما الكمين لقتلهما، كما أعد يهود بني النضير كمينا لرسول الله صلوات الله عليه وعلى آله ، وكما هي عادتهم الهروب من المواجهة ، والقتال من وراء جُدُر ، وصل الشهيدان المكان ، فقابلهما أعداء الله بوابل من الرصاص على جسديهما ، سقط الشهيدان على الأرض في تلك اللحظة ملطخين بدمائـهما التي لطالما نذراها في سبيل الله، كانت تلك الفاجعة الأليمة في صباح يوم الجمعة الساعة الثامنة والنصف ، حيث الخبر الأليم ، ولم نستوعبه، انهمرت الجفون بالدموع ، واكتظ ذاك المكان بالبكاء فإنا لله وإنا إليه راجعون ،على قدر الجراح بهذا المصاب الجلل الذي كان في يوم الجمعة يوم عيد المسلمين، حيث حملت الملائكة روحهما وغادرت ليكون عيدهُما بالجنة مع أنبياء الله، وأوليائهِ الصادقين.

(الشهادة أسمى أمانينا)

ثم واصلت حديثها والدموع في عينيها والعبرات تخنقها فقالت: تلقيت خبر استشهاد زوجي وأخي -سلام الله عليهما- كالصاعقة، فقد كان الخبر مؤلما وموجعا، وصعبا جدا، ولكن يبقى عزائي أنهما شهيدان عند الله، فأحمد الله العظيم الذي أكرمنا بالجهاد والاستشهاد والحمد لله أن الجهات المعنية تمكنت من إلقاء القبض على القتلة المجرمين، وهذا بفضل الله، وبفضل المجاهدين وبفضل دماء الشهداء الطاهرة، لقد نال الشهيد ما كان يتمناه، فقد كانت الشهادة أسمى أمانيه، نالها بعد جهاد عظيم ضد قوى الشر، فقد زار عدة جبهات منها الحدود ونهم، ومن قبلها الاعتصامات في الصباح، وقد جهزوا لاغتياله وقد أعلن العدو عدة مرات بأنه تم اغتياله، وفي إحدى المرات ظهر الشهيد على قناة المسيرة لكي ينفي الخبر، وقال: «الشهادة أسمى أمانينا»، وقد شارك في حرب مران لدرجة أن الشظايا ظلت في جسده حتى استشهد، وكان يتألم منها، أعماله كثيرة، فجلها في سبيل الله يخرج من الصباح إلى الظهر وأكثر الأوقات يتصل لي ويقول لي: أعدي لكِ أي شيء للغدا ما أنا جاي وليس لدي وقت لأشتري لكِ مقاضي معي عمل، وأحيانا يأتي للبيت وهو متعب فيصلي يتناول طعام الغداء، والتلفون في يده، كانت تأتيه عدة اتصالات، وكنت أقول له: خليهم لا بعد الغداء فيقول لي “لا ما هو سابر أرد أحد” ، ويخرج ولا يرجع إلا في وقت متأخر من الليل، الشهيد كان اجتماعيا لا يعيقه أي شيء، كان يتفقد الناس ويتفقد المحتاجين، فكم من الأسر كان يهتم فيهم بحاجاتهم بكل شيء، حتى الجرحى يتصلوا له إذا هم محتاجون أي شيء، وكان يفرح بالانتصارات، ويحمد الله كلما طوروا وصنعوا أسلحة جديدة.

وواصلت زوجة الشهيد ابراهيم حديثها قائلة: الحمد الله الذي اصطفى زوجي إبراهيم بن بدرالدين الحوثي، وأخي محمد بن حسين قاسم البدر شهداء، افتقدت الإثنين زوجي وأخي، فقد كان أخي مساعدا لزوجي في عمله، فكنا كلما احتجنا شيئا يقول لي: اتصلي لمحمد ،وهو كان إذا احتاج أي شيء يتصل له، وأينما خرج مكان يتصل لأخي محمد ليذهب معه، وكان فاهم بعمل إبراهيم لدرجة أنه كان يأتي لا عند ابراهيم من دون ما يطلبه; لأنه كان عارف بعمل ابراهيم، لم يكن مرافقا رسميا لإبراهيم، وانما كان رفيق دربه يرافقه محبة واخلاصا. فكان ينطلق ويقول: «عاد معي دعوات الوالدة»، فالحمد لله رب العالمين الذي اصطفاهم وهنيئا لهم فازوا ورب الكعبة، والله يعيننا على فقدهم والله ينتقم لنا من العدوان، وما ربك من الظالمين ببعيد، عاهدت نفسي بأن أربي أولادي على نهج أبيهم ،ونسير على دربهم، وخاصة ابنه محمد الذي كان يتمنى لو كان كبيرا لكي يأخذه معه للجهاد، وأقول لأعداء الله وأعداء رسوله: خسئتم وتجبرتم ولن تنالوا مرادكم ،وإنا لكم بالمرصاد.

(احسان وإيثار لا نظير له)

كما تحدثت عن أبرز المواقف مع الشهيد فقالت: كان الشهيد كثير الإحسان، فكان يوصي دائما بالجرحى وأسر المرابطين والفقراء والمحتاجين، فذات مرة خرج لزيارة الجرحى، وأحضر معه مصاحف وأدعية ومسابح ومبلغا من المال ليوزعه عليهم، وجلست أنا وهو نوزع المصاحف وباقي الأشياء في دعايات، فسلام الله عليه كان من الرجال الذين صدقوا ما عاهدوا الله عليه، وكان كذلك يزور الجرحى، وكان يقول لهم: « أن نكون مشاركين في نصر الأجيال بايشكرنا التاريخ بايذكرنا والله سبحانه وتعالى يشكرنا ويشكر عملنا، ونكون مرضيين عند الله أما الأمور المادية فهي زائلة فعلينا أن نحتسب الأجر في هذا الموقف لا يكون الإنسان قد جرح ويحس بندم وألم بل علينا أن نستشعر أننا في موقف العزة والكرامة».

(إيمان وجهاد)

وتحدثت عن آخر المحطات مع الشهيد فقالت: في نفس اليوم الذي استشهد فيه قام بتطبيق البرنامج اليومي كعادته، ورتل القرآن ثم أحضرت له قهوة الصباح، وكان ذلك اليوم فيه فرحة عجيبة، حيث اتصل لصاحبه وقال له: “هيا قم عادك راقد اليوم عيد” ثم أخبرني أن ابنته زينب حلمت أنه عند خالته المتوفية يأكل عنب ،حينها شعرت بشعور غريب وقلت في نفسي خير إن شاء الله، تناول الفطور هو وأخي وخرجا، لم أكن أتوقع أنها آخر اللحظات معه .

(مواقف وأخلاق بيت النبوة)

وواصلت حديثها بشجن كبير وألم عظيم عن أبرز صفات الشهيد فقالت: من بساتين أخلاقـه، ورحيق صفاته نقتطف بعضا من مناقبه العظيمة، فقد كان صبورا في جميع مجالات حياته، متحملا للمسؤولية، حسن الأخلاق والخُلُق ، متواضعا، وفيا مع الجميع، صادقا في كلامه، كان عظيما ذا أخلاق عالية، كريما محسنا للمحتاجين، يحمل بصمات إيمانية جعلت منه كهفا للمحتاجين لا يفرق بين من يعرفه ومن لا يعرفه، كان جل همه الفقراء والمحتاجين يتأثر ويتألم عليهم، وكان لا يرتاح إلا حين يعطي المحتاجين، فبرغم انشغاله، ولكنه كان يترك لأولاده بعضا من وقته يلعب معهم يخرجهم، يجلس معهم حتى هم كانوا متعلقين بأبيهم كثيرا جدا، حتى حين يتأخر يظلوا يسألوا عليه “وين أبي؟”، الشهيد معه خمسة من الأبناء، كان يحبهم جميعا ولا يفضل أي واحد منهم على الآخر، وكان يهتم بهم جميعا، هذه الصفات غيض من فيض، فالكلمات والأقلام تنحني خجلا وإجلالا عند الكتابة عن الشهيد سلام الله عليه.

(صبر ويقين طريق النصر والتمكين)

كان لزوجة الشهيد ابراهيم الحوثي كلمة أخيرة، قالت فيها: كلمة أخيرة أقولها.. الله الله في كتاب الله القرآن الكريم والتمسك به بالشكل المطلوب، ففيه نجاتنا وكرامتنا وعزتنا في الدنيا والآخرة، الله الله في الجهاد في سبيل الله والدفاع عن المستضعفين، فالنصر والفتح إن شاء الله قريب “وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون” صدق الله العظيم.. ونقول للمغرر بهم إنكم تقاتلون قوما عشقوا الشهادة والاستشهاد في سبيل الله اعلموا أن هذه مسيرة حق ،وأن النصر حليفنا إن شاء الله، فانتصارات عظيمة وهذا بفضل الله وبفضل المجاهدين وبفضل الدماء الطاهرة ،فسلام الله على تلك الأرواح الطاهرة، وهنيئا لكم الحياة الأبدية عند مليك مقتدر، وكما قال السيد عبدالملك حفظه الله: «الشهادة هي إرث ورثناه من الإمام علي، والإمام الحسين والإمام زيد والإمام يحيى»، فسلام الله على من ضحوا وبذلوا دماءهم الطاهرة من أجل نصرة دين الله من أجل أن نحيا بعزة وكرامة، أسأل الله أن يحفظ قائد المسيرة القرآنية السيد عبدالملك بن بدرالدين الحوثي.

وسلامٌ لمـن ذرفوا دموعنا بفراقهـم ، فاشتاقت لهم الجنة، فرحلوا عنا ولكنهم لم يغيبوا عنا فكانوا هم دائما أروع الحاضرين معنا بصفاتهم ووصاياهم ونسماتهم الطاهرة.

إعداد / المركز الإعلامي للهيئة النسائية بالأمانة